الجمعة، 9 ديسمبر 2011

ديكتاتورية الشتاء ... قصة قصيرة






الخامس من حزيران يونيو السنة العشرون بعد الألفين، بلغتُ الثلاثين من العمر، لكن بعد سن الثلاثين لم يتغير شيء، أنا كما أنا و ليس كما توقعت أنني سأكون، لا زالت الرؤية ضبابية، لست متأكدًا من أي شيء، لست متأكدًا من معتقداتي في الحياة، لا يزال الشك يتغلغل في كل شيء فيني، في أساسات الأشياء، في أحداث الماضي و الحاضر و بالتأكيد شك كبير بالمستقبل، لكن ألاأزال صغيرًا بالعمر كي أفهم كل شيء؟
لا أدري، ربما ثلاثون سنة في عمر انسان يبحث عن الحكمة لا شيء يذكر، لازلت صغيرًا فلا بد أن لا تتضح الرؤية و تبقى هكذا حتى يأتي اليوم الذي أصل فيه لليقين، لكن هل سأرتاح عندما أصل للحقيقة؟ لا أدري!
ربما طبيعتي كانت القلق و الشك، فأنا انسان يشك حتى في شكه و لم أجد شخصا ليس لديه شك في شيء بالحياة، الا سالم الذي كان يرى الأمور بوضوح ربما زائد عن اللزوم!
يا ترى أين سالم الآن؟ هل هو سعيد؟ هل هو حي ؟!
لا أدري، كل ما تبقى من سالم هو هذه الوريقات المقطوعة من دفتر يومياته.
كم هو انسان غريب لم أقابل مثله قط، يلتف به غموض ساحر، صامت طويل الصمت و التأمل، عميق شديد العمق في كلامه و أجوبته، يرى في كل الأشياء زوايا لا نراها.
لا زلت أذكر كانون الأول ديسمبر في السنة الحادية عشرة بعد الألفين، أول شتاء انجليزي يمرعلينا هناك نحن الذين جمعتنا الدراسة في الغربة، و لا زلت أذكر ذاك اليوم الذي جلسنا فيه في الحديقة الخلفية للبيت الصغير الذي جمعنا نحن الخمسة، أنا و محمد من السعودية و نزار من الجزائر و حسين من البحرين و سالم من ليبيا، هناك حيث جلسنا و جلس سالم، حيث تبادلنا الأحاديث و صمت سالم، حيث ضحكنا و تبسم سالم، لاحظت أن النار التي أشعلناها لفتت انتباهه و أنه كان يتأمل فيها طويلا.
بعد أن تفرقوا في تلك الليلة بقيت أنا و هو جالسين وسط الصقيع، سألته عن ما يشغله و عن السر في تأمله الطويل بتلك النار، لكنه لم يجاوب، كان ناجحا لأقصى حد في كتم الأسرار، فاهمًا لما يجري حوله يملك رأيًا في الأمور و عندما يعرض رأيه يجعلك تشعر بوضوح الرؤية، حسدناه لأنه كان يرى الأمور كأنها في قاع نهر صاف، و أحببناه جميعنا و لجأنا إليه في أي مشكلة.
لم ألح في سؤالي عليه و رأيت في عينيه المتألمتين شكرًا لي على ذلك، ربما لذلك كافئني فيما بعد، مرّت فترة طويلة منذ تلك الحادثة، مرت أربع سنوات، أخيرا سنعود، كل لبلده مع ذكريات جميلة و شهادة.
قبل أن يرجع لبلده أعطاني تلك الورقة المقصوصة من دفتر يومياته، قال لي:
"لقد سألتني ذلك اليوم بم كنت أفكر، سأعطيك تذكارا مني، جزءا مني ليبقى معك يا صديقي العزيز"
قص الوريقات من الدفتر البني الداكن المصنوع من الجلد و أعطاها لي.
و هذا كل ما تبقى من (سالم مجدي القاضي):

20-12- 2011
مضى شهران على المخاض العسير، ولادة أمة من جديد، موت الطاغية، و بأي ثمن؟
و غريبة هي تلك اللحظات التي يذل فيها المتكبر ذو الجبروت الذي كان يومًا ما ترتعد الفرائص عند سماع اسمه و تكاد تتوقف القلوب لوقع خطواته، و لأن وصف المشاعر صعب وفهم النفس أصعب و أصعب فاننا لا ندري من أي زاوية من زوايا النفس يأتي ذاك الشعور الذي يختلجنا عند تلك اللحظة، لا ندري كيف يتغلغل فينا احساس بالتعاطف معهم بعد أن كنا ننتظر هذا اليوم بفارغ الصبر، انها ربما قدر الاحلام التي تتحقق، تماما كقدر أي شيء نتملكه في هذه الدنيا الزائلة، الحلم جميل بشرط أن يبقى حلم، و أفضل انا أن أظل أدور في متاهاته الى الأبد، ربما الشعور بالضياع و مرارة الصبر أهون من الوقوع و التهشم على صخرة الحقيقة، فالحلم الذي لطالما انتظرناه بفارغ الصبرعندما يتحرك من تحت الظل ليقف تحت شمس الحقيقة يبدو بشعا !
و سرعان ما تزول رغبتنا فيه و تنطفيء حماستنا و نبقى حيارى نتألم ، فنداوي الألم بحلم جديد، كل تلك المشاعر تتدفق في قلبي و انا أشاهد طاغية يذل أمامي، تماما كتلك النار التي اشعلوها وسط الحديقة.
في الحديقة الخلفية للمنزل الذي أجرناه تجمعنا، خمسة قادمون من مكان بعيد عن هذا المكان، لكل منهم قصة و حكاية، كانت عطلة نهاية الاسبوع في أحد من الآحاد الباردة بل المتجمدة، و من غير المألوف لنا نحن العرب أن نلبس كل تلك الطبقات من الملابس الثقيلة، لوهلة بدا لي أن شيئًا مختلفًا لم ألاحظه إلّا الآن، في الحديقة و في كل الحدائق، كيف لم ألاحظ من قبل أنَّ الألوان صارت باهتةً هكذا ؟
هل هذه جريمة ارتكتبها أيادي الشتاء هنا ؟ أنْ يتحولَ كلُّ شيءٍ إلى الوانَ رمادية ؟
اشتروا حطبًا من السوبرماركت كوموه على شكل هرم و أشعلوا النّار وسط الحديقة و تجمعوا حولها، يريدون أنْ يستمتعوا "بالشتاء الغربي" الذي لم نتعود عليه !
لكنني لم أرَ أيَّ شيءٍ يثير الإعجاب في هذا الشتاء، بل كنت أشعر بالاندهاش و الغرابة !
هذه النار التي تكاد تموت من البردِالقارس، أهي النار التي عرفتها في بلدي ؟
هذه النار التي تشتعل على استحياء، هل هي النار التي ستحرق يوما ما المذنبين من البشر ؟
اذكرها جيدًا من أيام الطفولة، عندما لجأت اليها هرباً من بردِ الصحراء، فرأيتها أمامي تتراقص و تنير الظلام و تعدني بالأمان و الدفء، اقتربت منها و مددت يدي كما مد أبي آدم عليه السلام يده للفاكهة المحرمة، الألم الذي يحدثه جمال صارخ لا شيء يذكر أمام ألم الندم، تلك النار كم هي مستكبرة و متجبرة و حارقة و متفاخرة، و كأن لها نظرات تهديد ٍو وعيد بأن الزم حدودك و لا تقترب، تماما كبعض البشر الذين يعرفون أن يرسموا لأنفسهم حدودا مؤذية، بعكسي أنا.
انها بالتأكيد هي ذاتها النار التي أحرقتني، ياللعجب !
تغيّرُ حالِها جعلني أتساءل: حتى النار؟
حتى النار تدور بها الدنيا فتغدو مستعبدةً لهذا البرد القارس؟
حتى النار التي أحرقت من قرر ان يخوض لعبتها الخطيرة دون وعي بالعواقب؟
حتى النار في الغرب أنيقة خلوقة و متواضعة ؟!
كثيرا ما ننسى أنَّ لكلِّ شيء وجوهٌ عديدة، حتى الناّر لها وجوهٌ عديدة، فالنار هي الدفء و النور و الأمان ، و الألم و الحرب ... لو أردنا !
كنّا نضحك و أنا كنت معهم، لكنني كنتُ أراها تتعذب بصمت، يا ترى هل تتمنى الموت ؟
هل تريد ان تموت لانها تريد أن تنهي آلامها الباردة بفعل طعنات الرياح المستمرة؟
أم أنها تعودت على الشموخ و الكبرياء فما عادت تطيق أن تعيش ذليلة ضعيفة خافتة في حياة استعباد الشتاء ؟
كنا نضحك و انا كنت معهم، بينما النار تتعذب بصمت، انه قدر البسمة أن تكون أحيانًا في مواجهة مع الألم، ببساطة ذلك مشهد يتكرر عند البشر !
البرد قارس، البرد قاسي، لكنه محتوم، يعري الاشجار من أوراقها فتبدو الشجرة كقلب بشري متخشب تجمدت الدماء في عروقه التي تتشعب منه في كل الاتجاهات ... واعجبي ! أذاك الشجر أم أنه قلبُكِ؟
البرد قارس البرد قاسي لكنّه محتوم، تتجمد لسلطته الأنهار و البحيرات و يمنح بتعال مقنعٌ بالكرم راحةً طويلةً للكائنات فتخوض في سباتٍ عميق، تنسى فيه مآسي الدنيا و مشقة الأرزاق، أمّا البرد فيتآمر مع الغيوم الرمادية ليجعل الشمس تبدو كعجوز ذات تجاعيد تحتضر لا تستطيع أن توصل حبها الدافيء للناس كما كانت تفعل في السابق.
من حيث آتي، الشتاء مقصوص المخالب قصيرٌ و مؤدب لا يؤذي أحدًا، لذلك أنا لا أعرف شيئا عن الشتاء، فلم أكن أدري أن هذا الشتاء الأبيض ها هنا في عاصمة الضباب عندما يعتلي سدة الحكم يحكم بقسوة و يعاقب من لا ينصاع لأوامره، لكنه رغم القوة الهائلة و الجبروت يتوقف فجأةً على أعتاب قلوبنا و يبدوعاجزًا عن الدخول ليستعبد نيران الحب و الشوق فينا كما يفعل بالنار التي تجَمَّعنا حولَها، بل العكس تمامًا، فبعض البشر يستطيع بنار قلبه أنْ يُدْفء شتاء بأكمله فقط بدفء الحب.
ستعرِفين دكتاتورية الشتاء عندما يكَتُب لك القدر أن تزوري عاصمة الضباب، أنا أعرف أنَّكِ تعتقدين أنَّ هذا الشتاء سيقتل نيرانِك بقلبي، لكنِّك لا تعرِفين شيئًا عن النار و الشتاء!
سألتِني مرةً، هل يموتُ الحُب ؟
فاجبتكِ بسرعةٍ أنّه لا يموت، فهل تعرفين لماذا لا يموت ؟
في قلوبنا عندما تشتعل نيران الحب يكون حطبها الذكريات، هناك كلما تسلَّل بخبثٍ النسيان ليخطف صورةً من شريط الذكريات أحرقته نيران الحب، نعم قد تخفُت بعد مرور الوقت لكننا بلا سلطةٍ أو ارادة نُغذِّيها حطبًا من الذكريات فتشتعل و تشتعل و تستمر إلى الأبد، فلا تنطفيء نيرانُ الحبّ و لو بألفِ ألفِ شتاء !
و كان رَدُّكِ العجيب بأنَّ الحبَّ وهمٌ حتى تثبت براءته !
و أنَّه يُمكننا إعدام الحُب بلا محاكمة، و أنه يمكن حبسه بالقلب بلا تهمة و بلا أن نفصح به لأحد، ربما للأبد.
لكن ما كان لم يكن وهمًا فنحن الذين ننتزع الواقعية من الحب ليبدو جثةً شفافةً ملقيةً بلا روح و نحن الذين نمنحه تلك الواقعية كي تعُود له الحياة، و ما كانت تلك الكلمات إلا لكي تقتلي الحب في داخلي، لكنني و بسرعة أخفيته عن كلماتِك و خبّأته و داويتُ جراحه المثخنة بفعلها بدوائي المفضل، ببلسم كل يداوي كل الجراح، بالأحلام !
و لا يزال ذاك الحب صامدًا رغم الجراح و رغم قسوة البرودة، و لا يزال يكبر.
غريبٌ هذا الشتاء، يُشِبهُكِ، ساحر بياضه الخلَّاب، لكنه قاسٍ... و وراء قسوتِه هناك مكان دافيء لطالما تخيلت وجوده و لم أستطع بلوغه بعد.
فلماذا تخفين ذاك المكان عني؟
أسئلة كثيرة تطرق بابي فأردها من حيث أتت خائبة.
لماذا عندما أقلب صفحات الكتب تكونين بين الأسطر؟
فكأن كل شيء صار يبدأ بعيدا كل البعد عنك لكنه ينتهي إليك، كل شيء، كنت أتأمل كل وردة أمر عليها بحثًا عنك و لطالما كنت أجِد وجهًا من وجوه الشبه بينها و بينك، و الآن بعد أن فعل الشتاء فعلته بالورد، أين سأبحث عن شيء يشبهك ينسيني البعد؟

سأجرب في القمر !

هذا الشتاء يُشبِهُكِ، مشاغبٌ مثلكِ، فهو ينتظر و ينتظر و ما أَنْ ننسى النافذة مفتوحة حتى يندسَّ بيننا مُتسللاً، و أنتِ أيضًا تُتقنين فنون التسلل للقلوب !
تظهرينِ لي في كل شيء لكنّكِ فجأةً تختارين الإختفاء، أكون منهمكا في القراءة على مكتبي، يمر من خلفي طيفكِ يلمسني بشغب على كتفي و يهرب فلا أرد عليه، يعود ليكرر فعلته لا أُعيره أيَّ انتباه، يختفي كي يوهمني أنه تعب المشاغبة و بعد فترة يعود ليظهر و أراه بطرف عيني من نافذتي يمشي وحيدا في الشارع، لا ألتفت إليه فيختفي، يظهر لي في الحلم و هو يبتسم لي لا ألتفت اليه حتى في الحلم، لأنني أميَّز السراب من الحقيقة كما أميز أنَّ هذا الحب حقيقي ... حقيقي رغم كل الشكوك و رغم كل التساؤلات التي تئن من ألم الفراغ، من ألم انعدام وجود الأجوبة.
فهل كنت أنا مزار كلماتك ؟
هل كنت أنا حج خيالك طوافا و سعيا ؟
أم كان قلبي هو الاضاحي ؟

لا أملك أجوبة، كل ما في جعبتي تساؤلات و صور بالذاكرة لقلب وضعه صاحبه في صندوق محكم الاقفال موضوع في برج عال بلا سلالم أو درجات يحيط به بحر عميق عميق ربما غرق فيه الكثيرون، لكنني سأحاول.
سأحاول لأن الدنيا خيرتني بين الموت و الحب، بين الحزن و الحب، بين الليل و الحب بين الصحراء و الحب.
كُل ما أملكه تساؤلات و صورة لك تقفين فيها وسط بحر من تباع الشمس يحيط بك.
أنا يا عزيزتي تباع الشمس ذاك، الذي تقفين وسطه و تلتقطين الصور، فهل تعرفين قصته؟
تباع شمس بلا شمس لسنين، تباع شمس لم يدري أنَّ هناك أصلاً وجودٌ للشمس ... حتى رآك!
أنا و أنت ... و العاااااالم، بل أنا و أنت عالم ... و هؤلاء عالم، تأملي في الكلمتين (أنا و أنت)، هل هناك أجمل ؟
تعبت من الصبر، فمتى ينتهي الشتاء ؟
و أي شتاء ذاك الذي انتظره ان ينتهي؟
شتاء لا يرحم حتى الحب الصادق، شتاء يجعل القلب يتوقف عن النبض بلا رأفة، إنه هو و لا أحد غيره إنَّه حتمًا ذاك الشتاء، شتاءٌ من صنع أيادي البشر، فشتاء الله يرحم القلوب لكنَّ شتاء البشر لا يرحم، شتاءُكِ لا يرحم، لكن لكل شتاء نهاية و لا بد أن يذوب كل الجليد الذي تضعينه حول قلبك ليأتي الربيع و تزدهر حياتنا ...

صاح أحدهم: " انطفأت النار" !

انتهت

الخميس، 3 نوفمبر 2011

عمر الورود





في الشتاء ... أربعة أيام
في الصيف ... يومان فقط
هكذا قال لي بائع الورد.
إذن فعمر الورد قصير، لكنه خلال أيامه المعدودة يستطيع أن يصل إلى أرواح الذين نحبهم ليجعلنا نتوهج في أعينهم، و رغم أن عمر الوردة قصير إلا أننا لا ننسى الورد، لأن ذكرياتنا عن الورد لا تكون موجودة في العقل بل تتلألأ كنجمة في فضاء القلب مع بقية النجوم التي لا تموت ..



تسلل البرد إلى غرفتها، إلى قلبها إلى روحها، ارتعشت لكن ليس من البرودة، وضعت يدها على قلبها شعرت بالحزن لكنها لم تعرف السبب !
برنامج على التلفاز يروي قصصا واقعية، القصة اليوم غريبة، أم فقدت ابنها و هو صغير و التقت به صدفة بعد عشرين سنة، صدفة؟ بل حكمة.
ينتهي البرنامج بإهداء لكل أم بمناسبة (عيد الأم) الذي يصادف هذا اليوم.
تأثرت بما شاهدت، "الله يرجعك لقلب أمك سالم يا بني"
دعت في قلبها و قرأت المعوذات لتطرد الشياطين من قلبها.
أين هو الآن يا ترى ؟
قلبها تسابق مع يدها إلى الهاتف، اتصلت به ، لم يرد ، تسارعت نبضات قلبها أكثر رغم أنها تعودت ألا يرد عليها، عاودت الاتصال، فقلب كقلبها لا يعرف الاستسلام ... في سبيل من يحب.
بالرغم من أن إخوته الآخرين كانوا أطيب منه معها إلا أنها أبقت له مكانا خاصا في قصر شاسع المساحات تحوطه البساتين، هناك في قلب أم، أي أم جنة عرضها السماوات و ليس فقط تحت أقدامهن، هناك في قلب أم أي أم أطفال يلعبون بالمراجيح لا يكبرون أبدا.
مهما كبر مهما تغير سيبقى هو الطفل نفسه الذي كانت تحمله و تنظر في عينيه تتأمل بصمت،
هو نفسه الطفل الذي كانت تضحك عندما تراه يتثاءب مغمضا عينيه و يفتح فمه الصغير.
خرجت من الغرفة إلى الصالة، لماذا صار البيت مهجورا كئيبا يحتضر على فراش الوحدة؟
تقف بالصالة، بقربه و هو يخطو خطوته الأولى كطير يحاول الطيران لأول مرة،
يتعثر و يقع على الأرض، يبكي فتلف عليه أجنحتها الحريرية، تقبله لأن البلسم من شفتيها علاج كل الجراح الصغيرة، تغني له بصوت عذب خافت فيهدأ، تكلمه و هو ما يزال طفلا لا يفهم:
"مستعجل على الطيران؟ انتظر، ستطير يوما ما ..."
ها هو يجلس بين أحضانها تلاعبه,
تخفي وجهها بيدها عنه لحظة، فيستغرب، فهو لم ير خسوفا للقمر من قبل,
تكشف عن وجهها فيبتسم من جديد
تمر على باب البيت الحزين، الباب الذي فتحه ليخرج إلى الدنيا،
عند ذاك الباب الحزين تقف بالقرب منه في أول يوم له بالمدرسة، يبكي و يرفض أن يذهب لوحده، يتمسك فيها بقوة كأنها هي الأرض و أن فضاء أسودا مظلما شاسعا يريد أن ينتزعه منها و يجذبه نحو أعماق المجهول، مرت سنين كالبرق انظروا إليه لآن لقد كبر يتركها دون أن يستأذن منها حتى !
الآن صار يستطيع أن يستسلم لذاك الفضاء المظلم بكل أريحية و يترك أرضه الزرقاء بلا أن يلتفت للوراء، و يبق الباب حزينا تخرج من جسده الطاعن في السن أياد وردية لأمهات كأغصان شجر تبحث عن شمس قد رحلت.
أغلقت الباب الذي انفتح بفعل الرياح ربما أو بفعل الذكريات، صعدت الدرج، دخلت غرفته، على مكتبه وجدت كتابا باللغة الانجليزية موضوعه هندسة الطيران!
"لازلت تريد أن تطير؟ "
حدثت نفسها،
"تريد أن تطارد أحلامك ؟ لكنك عندها ستبتعد عني"
للأحلام بشاعة لا يبصرها صاحبها، متى ما سلك طريقها ابتعد عن أشخاص كان يسكن قلوبهم، فإذا وصل أبصر.
سقطت دمعة من سماء قلبها على ورقة شجر في بستان من بساتين قلبها كان موجودا فيه يلعب، دمعة لم يرها أحد، تحركت الدمعة على متن ورقة الشجرة، هوت في الهواء لفترة ليست بقصيرة، سقطت على غلاف الكتاب، على صورة الطائرة، فتحت الكتاب، تصفحته، رفعت بصرها فرأت طفلها أمامها جالسا، نظرت للكتاب مرة أخرى، صار كتابا قديما منسيا يعود لسنين مضت، " أنا سالم و أختي عبير"، رفعت بصرها من على الكتاب مرة أخرى، ها هو أمامها يحفظ و يسمّع النشيد بتململ، و ما إن كاد ينتهي حتى قفز بحماس على ألعابه ليلعب مع تلك الألعاب لعبة قدرية متناسيا كل من حوله، متناسيا ملاكا يرمقه بنظرة رقيقة، يلعب لعبة قدرية تنسيه كل شيء كل شيء، فيلعب و لا يعي نبضات قلبها التي تطوف حوله في حج مقدس يبدو أنه أزلي لا تذكر متى بدأ و يدوم مادام قلبها ينبض فإذا توقف قلبها يوما أكملت أصداء تلك النبضات الحج المقدس، العاب قدرية سيستبدلها بعد زمن قصير بألعاب أجدد منها و أحلى، العاب قدرية تكبر معه و تتغير أشكالها و أحجامها لكنها هي ذاتها لا اختلاف، قابلة للتبديل تشغله عن أشياء أهم، ألعاب قدرية بدأت معه صغيرة و كبرت، فتلك السيارة الزرقاء الصغيرة صارت سيارة زرقاء حقيقية الآن يقودها حيث يشاء، نقود لعبة المونوبولي الملونة صارت نقودا حقيقية تملأ جيبه و عقله، العروسة الصغيرة صارت فتاة سيتزوجها و الفارس ذو السيف صار هو، تلك الأشياء هي ذاتها الألعاب الصغيرة التي تلهينا عن الأشياء الأجمل و الأروع ... و الأبقى.


أمام سيارتي الزرقاء المهشمة، لم يعرف أحد من الذي تهشم قلبها هي أم السيارة،
وردة بيضاء تساقطت أوراقها لازالت على قيد الحياة رغم الحادث
كنت سأهديها الوردة اليوم في ذكرى عيد الأم ...
كانت أمنيتي أن أهديها الوردة، لكن عمر الورد قصير...
في الشتاء ... أربعة أيام
في الصيف ... يومان فقط
هكذا قال لي بائع الورد ...



_______________________________

" و لكل أمة أجل فاذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة و لا يستقدمون"(الأعراف: 34(


أحن الى الكأس التي شربت بها
و أهوى لمثواها التراب و ما ضما
المتنبي

"تحفة الله الرائعة هي قلب الأم"
غريتري


"اني مدين بكل ما وصلت اليه و ما ارجو أن أصل اليه من الرفعة الى امي الملاك"
لينكولن

"قد ضيعت الوقت، و الوقت الآن يضيعني"
شكسبير

السبت، 17 سبتمبر 2011

الغزالة




بالأمس تراءت لي غزالة
في خدها الدمع كالجمرات
تركتني في حيرة متسائلا
ما يبكي العيون الساحرات
انحنت و أنت بحرقة و رحلت
و صمتها كان أبلغ الكلمات
اختفت عن ناظري فتبعتها
اتبع دموعا سوداء متساقطات
و أسمع طوال الدرب صوتا رقيقا
يعزف كناي أحزانه نغمات
توقف غناء أحزانها التي
حولت جنان عدن فلوات
فوجدتها على نهر تلفظ أنفاسها
ينعاها القمر و الأشجار باكيات
الجسد منها صار نورا
تخرج منه أسراب طيور بيضاء و فراشات
و روحها الطاهرة هاجرت
إلى ربها الكريم ذو الرحمات
لم يبق غير قلبها الحزين و دمعها
أبوا أن يدخلوا الجنات
لمحت شيئا مغروسا في قلبها
خنجرا مربوطا برسالات
رسالة من الحبيب و وردة
و حب يملأ العبارات
و رسالة أخرى غير واضحة
قد بل الدمع فيها الكلمات
لم تبق منها إلا جملة
سأشكوك لرب السماوات


__________


" الهم نصف الهرم"

الامام علي بن أبي طالب عليه السلام

الاثنين، 12 سبتمبر 2011

مئة عام من العزلة تعادل مئة عام من المتعة !


في رائعة الكاتب الكولومبي جابرييل غارسيا ماركيز "مئة عام من العزلة" عبقرية في خلق الاحداث و روعة في ترتيب سردها ، البساطة في اسلوب الكتابة تجعلك تنس نفسك امام اسطر الرواية لساعات و ساعات ، لقد نجح الكاتب ببراعة ان يخلق تاريخ قرية كامل من نسج خياله منذ ان كانت بدايتها الاولى على يد خوسيه اركاديو بوينديا و عدد قليل من اصدقائه ، تلك القرية التي اخفى ليلها قصص حب بعضها نجح و بعضها كان مكتوب له ان يفشل ، مرورا بنمو القرية حتى اصبحت اشبه بمدينة صغيرة توالت عليها الحروب و الويلات و الحكومات ، الرواية واقعية تتذوق فيها حلاوة الحياة و مرارتها و رغم واقعيتها فهي لم تخلو من بعض الخيال الذي كان كالسكر الخفيف الذي يحلي الرواية ، ان اجمل ما في الرواية هي الشخصيات التي تجعلك تتعلق ببعضها و تكره بعضها ، فتشعر و انت تتقدم باحداث الرواية و كأنك انت من المؤسسين الاوائل للقرية !

من اجمل الافكار التي اراد الكاتب ايصالها للقاريء ان الزمن لا يسير في خط مستقيم بل في دائرة ، فكلما تلاشت الاحداث من ذاكرتنا اعادها الكون لكن في شخصيات و ازمنة مختلفة"

بعد قراءة هذه الملحمة التي تفوق الوصف و الخيال تتساءل في نفسك من اين اتى هذا العبقري الحائز على جائزة نوبل بهذا الخيال الجامح !

النقاط السلبية برأيي :

هناك سمتان تميزت بها الرواية ، احداها هي سمة العزلة التي اتخذها الكاتب عنوانا لروايته و الثانية - و هي محل انتقادي- هي حتمية الاحداث ، فباعتقادي ان الانسان في هذه الدنيا ليس مسيرا بالمطلق و لا مخيرا بالمطلق بل بين الاثنين.


النقطة الثانية التي اقف ضدها هي تصويره اشباع الغرائز بلا كبح على انه امر مقبول من المجتمع و لا يؤثر على حياة الانسان و نجاحه"

مقتطفات اعجبتني من الرواية :


"اذا لم تخش الله ، فتأمل المعادن و سوف تخشاه"

"كان موقنا بعودتها في دخيلة نفسه، لانه كان و هو يعالج المادة يدعو الله في اعماقه الا تكون الاعجوبة المنتظرة اكتشاف حجر الفلاسفة و لا تحرير الروح في المعدن و لا امكان تحويل ما في البيت من مفاصل و اقفال و سواها الى ذهب بل ان يتحقق هذا الذي حدث و حسب: عودة اورسولا"

كانت تخاطب زوجها و امطار حزيران (يونيو) تكاد تهدم مأواه : انظر الى ماذا آلت حالنا ، فقد تفرق اولادنا في كل الدنيا ، انظر الى بيتنا الخالي من الناس ، فها نحن وحيدان من جديد ، كما كنا في ايامنا الاولى"

"تحطمت السفينة التي كان فيها ، و غرقت و ظل هائما على وجهه في بحر اليابان طوال اسبوعين ، بعيدا عن اليابسة ، كان يأكل من جثة رفيق له قتلته ضربة شمس و كان لحم الجثة ، الذي اشبع بملح البحر و انضجته حرارة الشمس الشديدة ، يبدو عجيبا و لكنه طيب المذاق حلو ، بكت اورسولا (والدته) و قالت و هي تنتحب و تتنهد : كل هذا و البيت الكبير هنا ينتظرك يا بني ، كل هذا و نحن نلقي بفضلة زادنا للخنازير!"

" لقد كانت تلك المرأة التي لطالما تجاهلها و عاملها كطفلة اكتشافا جديدا بالنسبة له و على الرغم من ان مزاجها كانت تنقصه الرشاقة، و جمالها تنقصه الجاذبية القوية ، فقد كانت تتمتع بحساسية نادرة في تقدير الامور و تفهم اشياء الحياة و كانت اضافة الى ذلك ذات رقة خفية"

"و هكذا ظلوا يعيشون في حياة الحقيقة الهاربة ، يحاولون الامساك بها الى اجل فياسرونها بالكلمات ، و لكنها ما تلبث ان تفلت منهم فارة بلا عودة عندما ينسون معاني الكلمات و قيمة الكتابة"

" حيّاه بمودة و عاطفة و حرارة ، خاشيا ان يكون قد عرفه في زمان مضى و لكنه لا يستطيع تذكره الآن و لكن الزائر شعر بانه قد بات منسيا و ما كان ذلك من نسيان القلب الذي يمكن اصلاحه ، و انما هو نسيان من نوع آخر ادهى و اقسى ، لانه لا شفاء منه، و هو يعرف جيدا انه نسيان الموت ! "

"كانت ترسم المناظر بالالوان المائية قرب البحيرة ، رفعت فرشاتها التي تلون بها اشارة امل لا اشارة وداع لانها لم تكن تدري انها كانت ترقب قطارا عابرا لن يعود"


" ذلك الماضي الذي يتلاشى شيئا فشيئا فيغدو اطلالا تتآكل من داخلها فهي تنتهي او تكاد في كل لحظة و لكنها لا تقوى على الزوال "

الماضي لم يكن سوى كذبة و ان لا عودة للذاكرة و ان كل ربيع يمضي لا يمكن ان يستعاد و ان اعنف الحب و اطوله و ابقاه لم يكن في النهاية سوى حقيقة عابرة"


"و لكن عرب الجيل الثالث كانوا يجلسون في المكان نفسه في الموضع جلس فيه اباؤهم و اجدادهمم صامتين لا يهزهم الخطر و لا ينال منهم الزمن و لا تضعضعهم الكارثة ، فهم لا يتغيرون في حالي الحياة و الموت"

"صفاء الذهن الذي ميز شيخوختها الطويلة مكنها من الاستنتاج ان بكاء الطفل في رحم امه ليس دليلا او مؤشرا على انه سوف يكون متنبئا بل دليل لا يقبل الخطأ على انه سوف يكون شخصا غير قادر على الحب ! "


"اما آخر اخبار المقاتلين المخضرمين فكانت عبارة عن صور لهم في الجريدة و هم يرفعون رؤويهم الذليلة الى جانب رئيس جمهورية غير معروف"

" و ارعد صوت المحارب القديم الذي عادت اليه قوته و عاد اليه احتقاره لذاته فصب جام غضبه و حقده و صاح بهم قائلا: لسوف اسلح اولادي يوما لكي نخلص من هؤلاء الامريكيين القذرين"


" اعلن على الملأ ان السينما ليست سوى آلة اوهام فقرروا الا تطأ اقدامهم ارض السينما بعد ذلك فقد كان لديهم من الاحزان ما يكفيهم و ليس بهم حاجة ليبكوا آلام الآخرين الوهمية"


" لم يستطع ان يدرك الا بعد لأي أن سر الشيخوخة السعيدة ليس الا في عقد اتفاق شريف مع الوحدة"

" كان لكآبتها صوت مرجل يغلي يتبينه المرء واضحا عند مغيب الشمس"

" انهم جميعا سواء ، تربيتهم سهلة في البداية فهم مطيعون و جادون و لا يبدو على الواحد منهمم انه قادر على على قتل ذبابة و لكن ما ان تظهر في ذقونهم اولى الشعرات حتى يلقوا بانففسهم الى التهلكة ! "
" لقد نظم العقيد الكولونيل اثنتين و ثلاثين انتفاضة مسلحة كان بطلها جميعا و قد خسرها جمييعا ، و قد انجب سبعة عشر ولدا ذكرا من سبع عشر امرأة و قد اعدموا جميعا و قد نجا العقيد من اربع عشرة محاولة اغتيال و من ثلاثة و سبعين كمينا و من فصيل اعدام واحد و لم تقتله كمية كبيرة من السم وضعت في قهوته كانت تكفي لقتل حصان ! "

الخميس، 1 سبتمبر 2011

ليالي جنوبية



اعتدت ان ازور لبنان كل صيف منذ طفولتي و قد انقطعت عن تلك العادة آخر سنتين فكانت زيارتي هذه السنة كالمشي في شارع مرصوف بذكريات الطفولة و مليء بالمحطات التي تفاجأت انها ما زالت موجودة في نفسي ...
و هذه مجموعة من الصور التقطت هناك ممزوجة مع خواطر مستوحاة من مشاهد و احداث رأتها العين فاذكت نيران الكتابة
لبنان ٢٥-٨-٢٠١١




الليلة الاولى














-رأيت طفلا له نظرات رجل طاعن في السن يعمل في مطعم ، حركاته كانت سابقة لعمره ، رأيت اطفالا يسبقون اعمارهم و يتصرفون كالكبار لكنني لم ارى كهذا الطفل الذي لم يبقَ دليل على طفولته الا قصر طوله و ربما شهادة ميلاده
في لبنان رأيت الطفولة جثثا قد قتلت في المحلات و الاسواق
و عندما خرجت من المطعم كأن الزمن تسارع فرأيت ذاك الطفل و قد كبُر متجسدا لي في هذا الشيخ الكبير الذي يعمل على عربةٍ للبطيخ
تساءلت بنفسي هؤلاء الناس يبذلون حياتهم و يضيعون اجمل ايام حياتهم بل كل حياتهم في العمل و نحن هنا لا نقدر قيمة العمل و لا نحترم هذه النعمة


-يروي لي احدهم عن حرب تموز ٢٠٠٦ عندما اضطر ان يسافر اثناء الحرب هو و زوجته و ابناؤه و قد كان يملك محلا للتحف و عندما انتهت الحرب و عاد و رأى حجم الدمار راوده الشك في ان كل شيء سيعود كما كان ، و فقد الامل في وطنه و بدأ يفكر بالهجرة ، الا أنه في خضون اسبوع بدأ محل التحف يحيا من جديد و عادت الحياة من جديد خلال اسبوع !

تعليق على الصور بالأعلى: الصور التقت في الطريق من مطار بيروت الدولي الى جنوب لبنان


_______________________
_______________________



الليلة الثانية








-في زمن من الازمان كان البشر يعتقدون ان الارض تدور حولها كل الكواكب و انها محور الكون
و اليوم هناك من يحسب نفسه محور الكون و ان الناس تدور حوله !


-سألت شيخا كبيرا، مالذي تغير بالناس ؟
فقال: قلّت القناعة و ازداد الطمع


-قال لي هذا الشيخ انه كم يتمنى ان يعيش في قرية بعيدة نائية عن جميع الناس بعيدة عن الغيبة و النميمة و الحسد و كلام الناس
قلت له فكيف يختبر الله عز و جل هذا الانسان ان هو ابتعد عن الناس؟
قال لي ثمانين سنة من الاختبارات الا تكفي ؟!



-في الليل مررت بشارع موحش بجانبيه مقبرة كان الليل شديد الظلمة و الشارع خفيف الانارة تساءلت النفس هل القبر يبدو موحشا من الداخل كهذا الشارع ؟ و يا ترى كيف حال من يرقدون في تلك المقابر ؟
_____________________________
______________________________




الليلة الثالثة:








-لطالما تساءلت ماذا يوجد في الغيوم و تخيلت و انا طفل انني ان استطعت ان اقترب من الغيوم ساستطيع ان اغترف منها غرفة و انها ستكون كالقطن ناعمة الملمس و شديدة البرودة !
و اليوم وصلت للغيوم و لم استطع ان اغترف غرفة و لم تكن كالقطن لكنها كانت شديدة البرودة !
غريب هو الواقع يختلف كليا عن الأحلام لكن الواقع أيضا فيه الجميل

تعليق على الصور بالأعلى: الضباب الظاهر بالصور هو غيوم حقيقية!
المكان كان مرتفعا و كنا وسط الغيوم نشعر برذاذ الماء
الاحساس كان لا يوصف
_________________________________
_________________________________


الليلة الرابعة:









-ناس معيدين و ناس
صايمين !


-تساؤل بريء من امرأة ، لمَ تصبح كل النساء جميلات بعد الطلاق ؟!




لا افهم فلسفة شرب القهوة العربية المُرة ،انختار بارادتنا ان نتجرع كأس المرارة ؟!

________________________________
________________________________


الليلة الخامسة:





هل صحيح أنه إن طاف القطار لا يعود ؟
أليس كل شيء قسمة و نصيب ؟
فهل من المعقول ان هناك منا من ليس له نصيب ؟


اتحبني قالت له ،فكان جوابه صمت
قالت له لمَ لا تجيب ؟
قال بثقة : الرجل يجيب على الاسئلة المجهولة الجواب فقط !
و أنت تعرفين أنني أحبك و لا احتاج أن أقولها
قالت و لكن الحب كالورد يجب ان يُروى بالكلمات
قال الحب شيء معنوي اما الكلمات فهي لوصف الماديات
قالت اذن و من اين يأكل الشعراء و هم اهل الكلمات ؟!

____________________
____________________



صور متفرقة











الصور التالية التقطت على الحدود مع ما يسمى اسرائيل

لم أتوقع أن فلسطين جميلة لهذه الدرجة






و تبقى ملحوظة:
اللي يبي يستخدم الصور


الصورة= 5 د.ك
!

السبت، 23 يوليو 2011

لحقوني !

بعد الاستسلام للضغوط الخارجية ! 
قررنا الانضمام الى اسراب المغردين ! 

@A7mad_Nabeel

الاثنين، 18 يوليو 2011

تعلمت في الخفارة ٣

الناس يتشابهون مع النجوم التي في السماء ، فكما ان النجوم تولد و تموت كذلك الناس 
في ليلة جمعة عادية ، في احدى غرف مستشفى مبارك كنا مجتمعين عند مريضة تصارع الموت 
بدأنا عملية الانعاش و كنا نعرف ان الليلة هي ليلتها الاخيرة في هذه الدنيا ،  فقد كانت كبيرة في السن و تعاني من امراض مزمنة هدمت في هذا الجسد النحيل  ، 
 المريضة عمرها ثمان و تسعون سنة لذلك فان اهلها بالتأكيد يعرفون ما كنا نعرفه 
 
تساءلت بنفسي و انا اقوم بعملية الانعاش
هل ستنقلب الادوار يوما ما ؟ و اصبح انا على هذا السرير ؟  
يا ترى ماذا رأت خلال رحلة الثمان و التسعين  سنة ؟
ليتني استطيع ان اعرف ... 
انتهت عملية الانعاش بلا استجابة ،  توقفنا و استعدينا لاعلان الوفاة  
ليتني استطيع ان ارى روحها بعد ان فارقت جسدها الطاهر ، ليتني استطيع ان ابصر بعين الذين رحلوا فينكشف لي وجه الدنيا على حقيقته القبيحة الزائلة ربما عندها سارتاح ...
اسئلة كثيرة املكها لاولئك الذين عبروا نهر الحياة و وصلوا للضفة الاخرى ... 

في ليلة جمعة من تلك الليالي الهادئة انتهت مسيرة دامت ثمان و تسعين سنة 
لفظت انفاسها الاخيرة و استسلمت للموت
ربما كانت تنتظر هذه اللحظة منذ زمن  
توقفت عملية الانعاش 
عندما اعلنا خبر وفاتها لاهلها احسسنا بشيء غريب كأن جدران المستشفى اسودت كأن الوجوه اسودت تعالت صيحات النواح و العويل

تجمعوا حولها القوا بانفسهم على جسدها احداهم تقبلها و اخرى تمسح على وجهها و اخرى تكلمها كما لو انها لا تزال على قيد الحياة
تفاجأنا من ردة فعل اهلها   
و قد تستغربون انتم ايضا  فلم كل هذا  البكاء على امرأة طاعنة في السن الكل يعرف انها ستموت في اي لحظة
 الناس يتشابهون مع النجوم التي في السماء ، بعض النجوم تتلألأ و بعضها لا ترى ، و بعض النجوم خالدة في ذاكرة السماء و بعضها تموت و سرعان ما يبتلعها النسيان و كذلك الناس ...
لم كل هذا الحزن ؟ تساءلت في نفسي كما قد يتساءل بعضكم 
انها الام  
المع نجمة في سماء انسان ...  
 
تعلمت في الخفارة ان الام مهما بلغت في العمر تبقى هي المرأة التي مسحت على راسك يوما عندما كنت تبكي ، العين التي لا تنام حتى ننام   
تبقى هي اعظم امرأة عرفناها في حياتنا ...

------------------------------------

الرجل يبقى طفلاَُ ويشيخ فجأةُ إذا ماتت أمه

لن أسميكِ امرأة، سأسميك كل شيء ... 
(محمود درويش)

 أَحِـنُّ إِلَى الكَـأْسِ التِي شَـرِبَتْ بِهَـا
وأَهْـوَى لِمَثْـوَاهَا التُّـرَابَ وَمَا ضَـمَّا
( المتنبـي )

 
اطال الله في عمر امهاتكم ... 

الأربعاء، 6 يوليو 2011

مع الاعتذار


مع طول الانقطاع لاسباب عديدة نعود من جديد الى عالمكم الجميل عالم التدوين و هذا مع الاعتذار ...

الثلاثاء، 12 أبريل 2011

عازف الناي




لم يا عازف الناي الحزين عزفت ؟
أنا كلما سمعت صوت الناي ذكرته ، فالآن وددت لو دام صوت الناي للأبد ، و القلب أطلقته و قد كان سجين ، فبت تائه بلا قلب ، فقد سافر قلبي يبحث في كل الصحاري القاحلة عن وردة من أجلها كنت يوما ما أعيش و من أجلها انعزفت تلك المقطوعة الحزينة ، لكن ألا يعرف القلب أن الورد لا يعيش في الصحاري الخاوية ؟
بل يفضل قصور الأمراء و السلاطين حيث البساتين و الأنهار ؟
يا عازف الناي الحزين...
أنا لا أدري كم غروبا للشمس علي أن أعيش قبل اللقاء به مرة أخرى، و رغم أنني أدري أنه لم يعد ملكا لي لكنني أشتاق لرؤيته و أعرف أن سعادة اللقاء به سرعان ما ستنتهي و يبدأ الليل من جديد...






معزوفة حياتي ... البداية

شيئا فشيئا باتت القرية تصغر حتى تلاشت عن أبصارنا
أغمضت عيني فما عدت أريد أن أرى شيئا من هذه الدنيا
لكن القلب كان لا يزال يراها هناك … جالسة تبكي علي
لازلت أستغرب كلما تذكرت أيام طفولتي
كيف لنا أن نحب و نحن لم نزل صغارا، و أن نتعلق لهذه الدرجة و نحن لم نفقه من هذه الحياة شيئا ؟
كانت تبكي علي عند باب كوخها الصغير
أما أنا فكنت أخفي دموعي ، ففي قريتي الصغيرة لا يبكي الرجال !
الدرب طويل كأنه لا ينتهي ، فكيف لقروي مثلي لم يعتد على السفر و كان أبعد مكان وصل إليه هو أطراف قريته أن يعرف شيئا عن السفر؟
ماذا سيحدث لكوخنا الصغير حيث نشأت و قضيت أجمل أوقات حياتي ؟
ماذا سيحدث للشجر؟ و للنهر الذي أعرفه جيدا كما أعرف أهل القرية ؟ و ماذا سيحدث لمن أحب ؟
صعب علي أن أفارق أشياء قد تبدو للبعض بلا قيمة ، لكنني كبرت معها و تعودت أن تكون موجودة حولي و أصبحت بعد فترة كجزء من جسدي من روحي من كياني
و الآن ... الآن عند اللحظات الأولى لغيابها عن بصري شعرت بالفقدان و بأن جزءا مني بل أجزاء قد باتت مفقودة.
قطعت القافلة خمسة أشهر كي تصل لأرض الحرير أو (الصين) كما أطلقوا عليها ....






أرض الحرير

في الصين وقفت متسمرا أمام عالم كالخيال !
أوراق الشجر غير أوراق الشجر التي عرفتها فمنها الحمراء و منها البرتقالية و منها الوردية
تمتزج تلك الألوان و تلبسها الفتيات أثوابا من حرير
البيوت مصنوعة من الخشب و بها تقوسات عند السقف ، و حتى بيوتهم تتلون بألوان طبيعتهم الخلابة
البحيرات تتناثر في كل مكان تعكس صورة البساتين الخضراء التي تتنوع فيها ثمار لم أر منها من قبل !
حتى ليل الصين لم يكن كباقي الليالي ، ففي ليلتي الأولى هناك كانوا يقيمون احتفالا كبيرا
عزف للموسيقى انتشر في الهواء ، عشرة رجال دخلوا في جسد تنين من تلك الأساطير التي كنا نسمعها ، فدبت في جسد التنين الحياة و راح يزمجر بصوت عال و ينفخ النار في الهواء !
و تحول الليل نهارا بعد أن راحت السماء تضيء بألوان حمراء و صفراء و زرقاء في مشهد بديع لم تره عين قروي مثلي من قبل.
لكن كل هذا الجمال كل هذا الجمال لم يكن يضاهي شيئا من جمال عيون هند...






هل يصل كلام النفس الى الحبيب البعيد ؟

كان كل شيء أمامي لكنني أحسست بأنني لا أنتمي لهذا المكان
ففي القرية كنت أعرف الجميع و كان الجميع يعرفني
و في القرية كنت إن أردت أن ارتاح ذهبت في مكاني الخاص عند أطراف القرية عند شجرة قريبة من النهر الذي يقسم قريتي إلى شطرين
حتى الأشجار في قريتي أحفظها و أعرفها جيدا كأنها بشر يعيشون معنا في القرية !
لكنني الآن ضائع لا أعرف هذا المكان و لا تلك الوجوه
حنيني يزداد لك يا هند كل ما مر الوقت
تحركت عجلة الأيام و الشهور و السنوات
كبرت و تغيرت ، تعلمت الكثير ... لكنني لم أنساك يوما
أمي أخبرتني يا هند أن بنت تاجر الحرير صديق أبي في الصين فاتنة الجمال
أمي أخبرتني يا هند أنني لو تزوجتها سأحظى بثروتهم وسأغدو من أصحاب "الشأن الرفيع" .
الشأن الرفيع !
لكن القرار ليس بيدي يا هند ، فقلبي اتخذ القرار عني منذ الصغر
و كبلني بأجمل قيد يكبل إنسان ، قد تستغربين كيف أصف أجمل ما في الكون بالقيد ، لكن لا تستغربي ، ففي الصين رأيت فرسانا يقال أنهم كالوحوش في المعارك يبدون كالحملان الوديعة بين أحضان نسائهم !
وا عجبا يا هند !
كيف يغدو الرجل مقيدا بين يدي امرأة ...







لقاء بعد عشر سنين ... القلب يتكلم
عشر سنين مضت من الغربة ، من الضياع ، من الشعور بالفقد
أخيرا سأعود الى طفولتي الى الكوخ الى النهر الى الشجرة
طريق الرجعة بدا لي أطول من طريق القدوم ، لأنني كنت متلهفا للقاء
راح قلبي يكلم هند و نحن في الطريق
عندما عدت من الصين لم أكن كالطفل الذي غادر القرية
عدت تاجرا خبيرا بشؤون الأقمشة تعلمت الكثير هناك ، تعلمت كيف أجذب الناس لبضاعتي و كيف أجعلهم يرغبون بشراء القماش
تحولت من ابن القرية المتواضع الى تاجر يبسط المستقبل له ذراعيه الواسعتان
حتما هند ستعجب بي و بما استطعت تحقيقه
لقد علمني التجار الصينيون كيف أتكلم مع الأمراء و الوجهاء و "أصحاب الشأن"
و علموني كيف أصنع من الكلمات شباكا أصطاد بها الناس !
و حتى أبي كان يستغرب من فصاحة لساني و من كلماتي النافذة للقلوب و العقول
لكنني عندما رأيتك يا هند انعقد لساني و أحسست بقلبي يخفق تماما كأنني طفل صغير
هكذا تخيلت ما سيحدث بيني و بين هند
رأيتها هناك و سرعان ما غيرت نظرها عني
ربما كانت تعتقد أنني نسيتها
ربما اعتقدت أنني تغيرت بعد غيابي عنها تلك السنين و أنني الآن عدت "التاجر" ذو الشأن و لن أنظر لقروية مثلها!
و راح القلب يخاطبها مرة أخرى
لا ألومك يا هند فمن يعش الدهر يرى عجبا، فالمال و الزمن يغيران الجميع
و قلة هم من صمد و لم يتغير أمام عواصف الدنيا
لو تعلمين كم انتظرت هذه اللحظة و كم مرة رسمت الموقف في مخيلتي و الحوارات
أنا لم أتغير أنا لازلت الطفل الذي تعرفين ، القروي الذي تركك قبل عشر سنوات و رحل،
أما آن الأوان كي نسلك الدرب الذي رسمه القدر لنا أنا و أنت يا هند ؟
أريد يا هند أن تنجبي لي بنتا لها عيونك العربية الواسعة الحزينة كالليل
أريد يا هند أن تنجبي لي ولدا يرث تجارتي
و أريد لنا أن نعيش سعداء في كوخنا الصغير، كالكوخ الذي خرجت منه قبل عشر سنين
أما هذا الخاتم الثمين المرصع بياقوتة فهي هديتي لك من الصين
لقد كنت أرسم الموقف بيني و بين هند و ما سأقول لها و ماذا هي أيضا ستقول !
رأيتها هناك في السوق و عرفتني من أول نظرة و سرعان ما غيرت نظرها عني
غابت هند عن ناظري و لكن لم تغب عن القلب لحظة منذ عشر سنين ...
أخرجت الخاتم من جيبي شعرت بقلبي يخفق كطير ، يا ترى هل سيعجبها الخاتم ؟
ظهرت هند من بين جموع الناس أمامي و بقربها رجل وسيم طويل القامة سألها: " زوجتي العزيزة ! هل تريدين أن تشتري شيئا من هذا المحل ؟ لقد سمعت أن بضاعتهم من الصين و أنها مميزة ؟"

سقط الخاتم من يدي ... ببطء سقط كأنه أخذ عشر سنين من حياتي كي يصل للأرض

علمت فيما بعد أنه ابن شيخ القرية ...
كانوا سعداء مع بعض
هذا كل ما استطعت أن أعرفه

شيطان العشق بدأ يقتلني بأفكاره كضربات خنجر مسموم تتسلل لقلبي كل ليلة
هل لا تزال تكن لي المشاعر ؟
ربما أرغموها
مجتمع القرية المتخلف !
ربما كبرت و تغيرت
ربما أنا لم أعرفها ربما هي ممن يهمه المال و الذهب و الفضة
الأفكار تتصارع في عقلي و قلبي يتفتت من الحزن

الشجرة حيث كنت أستأنس لم تعد في مكانها الذي كنت أعرفه ، حتى الشجر القديم في القرية غيروه اقتلعوه و زرعوا مكانه شجرا "مستوردا" من الخارجز
و النهر تغير ، غيره أهل القرية و صنعوا القنوات لكي تدخل المياه لبيوتهم و يسقون به بساتينهم حتى صار واهنا كأنه يحتضر
و كوخنا الصغير علمت أن أبي باعه لأحد أقربائنا و قرر أن يعيش في قصر صغير
القرية تغيرت كبرت و توسعت و بت لا أعرف أحدا فيها
كنت أعتقد أنني أنا الذي تغيرت بعد عشر سنين لكن وطني أيضا تغير مثلي و بت أنا و الوطن لا نعرف بعضنا !
بدأت أمر بنفس الشعور الذي مررت فيه في أيامي الأولى بالصين، ضياع و احساس بعدم الانتماء ، ماذا حدث في عشر سنين ؟
نظرت من شرفة بيتنا الجديد للقرية
هنا أدركت أنني انتهيت غريبا في وطني ...
لا مقام لي في القرية ، قررت أن أعود للصين ... لعلي أنسى هند ، فكيف سأعيش في مكان سيكون من المفروض علي أن أرى هند مع زوجها ؟
لكن أينسى القلب أروع اللحظات ؟
حين كان ينبض من أجل فتاة
أم تراني أنسى اسما كلما انبعث رنين حروفه على مسمعي عاد بي الزمن الى أجمل أيام كانت في حياتي




العودة .. بحث عن وطن
و عدت هناك ، غير أن الصين بدت لي هذه المرة مكانا أكثر دفئا من قريتي
فهل عشر سنين تستطيع أن تخلق وطنا ؟ لا أدري
مع المارة توقفت عند محلات تناثرت على جانب الطريق في الحي الفقير الذي لا بد أن تمر عليه قبل أن تصل الى قلب المدينة ، كان يقف هناك ، قد كسا الشيب لحيته الطويلة ، ملامحه عربية ، عينه مبيضة ذات نظرة متجمدة مهيبة كأنه يرى بها رغم أنه لا يرى ، كأنه يرى بها أشياء لا نبصرها، أخرج من جلبابه عصاه السحرية ، و راح يعزف قصتي للمارة ...
لم يا عازف الناي الحزين عزفت ؟
أنا كلما سمعت صوت الناي ذكرته ، فالآن وددت لو دام صوت الناي للأبد ، و القلب طيرا اطلقته فبت تائه بلا قلب ، فقد سافر قلبي يبحث في كل الصحاري القاحلة عن وردة من أجلها كنت يوما ما اعيش و من أجلها انعزفت تلك المقطوعة الحزينة ، لكن الا يعرف القلب ان الورد لا يعيش في الصحاري الخاوية ، بل يفضل قصور الامراء و السلاطين حيث البساتين و الانهار ؟
يا عازف الناي الحزين ...
أنا لا أدري كم غروبا للشمس علي أن أعيش قبل اللقاء به مرة أخرى، و رغم أنني أدري أنه لم يعد ملكا لي لكنني أشتاق لرؤيته و أعرف أن سعادة اللقاء به سرعان ما ستنتهي و يبدأ الليل من جديد ...
لم يا عازف الناي عزفت ؟
و أرجعت شيطان العشق من بعد غياب ليغرس خنجره في صدري و يسيل دمي كل ليلة على ضوء القمر ؟

رحل الناس لأعمالهم ، أما أنا فنسيت نفسي أمام سحره ، أحس بوجودي وحيدا فتوقف عن العزف
قال: لا تحزن و أخبرني
قلت له:ماذا أقول ؟ و من أين أبدأ و كيف ؟
قال: صوتك صوت شاب حزين ، و لا يتلقي الشباب و الحزن الا في الحب !
فقل لي يا بني، هل تؤمن بالحب ؟
قلت: كنت فيما مضى أؤمن إيمانا خالصا لا يشوبه أي شك، لكنني بعد أن فقدت فتاة أحلامي بت لا أؤمن بشيء !
تبسم و قال: ما أكثر من وقع منكم في شباك الحب معاشر الشباب !
ألا تؤمن بالحب ؟! اذن قل لي لماذا تعيش ؟!
يا بني ان الحب هو معجزة الحياة
و اذا شئت أن ترى معجزة في حياتك فان أول خطوة هي أن تؤمن بوجود المعجزات !
يا بني لا تحزن على ما فات، فانني عندما كنت بصيرا رأيت أن الحب يزور القلوب التي تؤمن به ، و انني يا بني رأيت يوما ما طيرا أعمى كحالتي نظرت اليه بشفقة و ظننت أنه ميت لا محالة لكنه كان يفاجئني كل يوم و كنت أراه عند باب بيتي يأتيه الرزق ، عندها أيقنت و تعلمت ألا أحزن على ما فاتني فان الذي رزق الطير الأعمى و الذي رزق هذا الشيخ الأعمى و الذي رزقك طوال حياتك أتعتقد أنه ينساك الآن ؟
و اعلم يا بني أن حبا انتهى يوما ما لم يكن في يوم من الأيام حبا حقيقيا، عليك أن تفتح عينك و قلبك ، و ابحث عن الحب الحقيقي الذي يدوم.
قلت: و كيف لي أن أنس يا شيخ ؟
قال: دع الأيام تفعل فعلها
و بنبرة شخص يرى المستقبل بوضوح و تقاسيم وجه عجيبة ساحرة قال: انك قريبا ستجد ما تبحث عنه !
قلت: و هل سأرضى ببديل لفتاة أحلامي ؟
قال: بعضنا يولد قنوع بما أوتي من رزق و بعضنا يتعلم القناعة بعد أن يمر بالألم و الدموع
لملم أغراضه و مشى
رحل و قد كان في جعبتي مئات الأسئلة.





نهاية النفق المظلم

تزوجت ابنة تاجر الحرير
بداخلي المقارنات و أشباح لهند تدور كدوامة تغرقني
لكن "سارة" كانت كل ما يمكن لي أن أتمناه في فتاة
و فعلت الأيام فعلها و أصبحت هند ذكرى عابرة ، كلمة جميلة في صفحة من صفحات حياتي
"الحب" لقد علمتني سارة الحب ، لقد علمتني أن الحب يمكن أن يولد من جديد، عشت أجمل أيام حياتي معها، تعلمت أن السعادة تأتينا لكن ليس باختيارنا نحن بل من حيث لا نحتسب.
قررنا العودة إلى قريتنا الصغيرة ، فنحن لا نريد لأبنائنا أن يكبروا في وطن ليس وطن آبائهم و أجدادهم
قد نحب إلى أقصى الحدود بحيث يصبح الحب هو الشغل الشاغل في حياتنا و في لحظة من اللحظات نتخيل أننا لن نستطيع أن نعيش من دون الحبيب لحظة، و عندما ننفصل تصبح حياتنا تعيسة بائسة بل ان البعض يشعر أنها نهاية الحياة ، لكن الله سبحانه وهبنا نعمة النسيان لكي نستطيع أن نتخطى أحزاننا.
كل غصة كل كبوة في حياتنا كل شوكة تؤذينا تجعلنا أقوى من ذي قبل ، قد لا نفهم الأحداث الا بعد حين و قد لا نفهم حتى بعد مرور الوقت لكنني استطعت أن أتيقن أن الله سبحانه كان يختار لي الأفضل في حياتي ، هذا كان درسي الذي تعلمته و كذا سيكون الدرس لأبنائي ..
النهاية.

__________
__________

لن أنهي البوست بحكمة كما تعودت لأنني أريدكم هذه المرة أن تشاركوني بآرائكم عن الحكمة من هذه القصة
و لا تنسون تعطوني رايكم بالقصة !

الأربعاء، 2 مارس 2011

كسرى و الفلاح !


الملك الفارسي أنو شيروان "الذي ولد رسول الله صلى الله عليه وآله في عهده" أعلن في الدولة بأن من يقول للملك كلمة طيبة فله جائزة 400 دينار،

وفي يوم كان الملك يسير بحاشيته في المدينة إذ رأى فلاحا عجوزا في التسعينات من عمره وهو يغرس شجرة الزيتون.

فقال له الملك: لماذا تغرس شجرة الزيتون وهي تحتاج إلى عشرين سنة لتثمر وأنت عجوز في آخر العمر من عمرك وقد دنا أجلك؟

فقال الفلاح العجوز: زرعوا و أكلنا .. و نزرع و يأكلون.

فقال الملك: أحسنت! هذه كلمة طيبة.

فأمر بأن يعطوه الجائزة وهي 400 دينار فأخذها الفلاح العجوز وابتسم

فقال الملك: لماذا ابتسمت؟

فقال الفلاح: شجرة الزيتون أعطتني ريعها قبل ثمرها.

فقال الملك: أحسنت.

وأمر بإعطائه 400 دينار أخرى، ثم تحرك الملك بسرعة من عند الفلاح

فقال له رئيس الجند: لماذا تحركت بسرعة؟

فقال الملك: إذا جلست إلى الصباح فإن خزائن الأموال ستنتهي وكلمات الفلاح العجوز الطيبة لا تنتهي

الخميس، 10 فبراير 2011

ثورة شعب


بالايمان اغرقت عصا من خشب فرعون العصر و بعد ثلاثة آلاف و أربع مئة سنة تغير الاشخاص و تغيرت البلدان و لا زال الايمان يصنع من اللا شيء المعجزات

السبت، 29 يناير 2011

نهر من حزن


على الجسر كنت انظر للنهر

عليه انعكاس لوجه صرت لا اعرفه كان وجهي في يوم من الايام !

و ليته كما يرينا وجوهنا يرينا القلوب
لاتأكد انني لازلت املك واحدا !
فربما فقدته و صرت روحا ضائعة تهيم تائهة بحثا عن هويتها في زحمة الناس

اين ينتهي هذا النهر ؟

لا ادري

تمنيت لو كنت أنا نهرا !
صاف لا تدنسني الدنيا بالوحل و لا اتأثر بملوحة من حولي و لو كانت ملوحة بحر واسع !

ما هذا ؟؟
لم يبكي هذا النهر ؟!
ربما هو وحيد ، قالت احدى الأصوات التي في داخلي !
ربما هجره الجميع لانه الوحيد الذي يقول الحقيقة في زمن لا وجود فيه الا للخداع ، قال صوت آخر !
لا تبك فانت لست وحيدا و لا تحزن ان القوا بقمامتهم عليك !

و واصل جريانك كما كنت تفعل من قبل منذ ان خلقك الله

واصل مسيرك و لا تتوقف
ستصادف غرائب و عجائب في الطريق
منهم من سيقول لك انك لست عذبا كما تتدعي
منهم من سيقول انك لست نهرا و انما بقايا مطر !
منهم من سيقول انك ستجف يوما
اكمل مسيرك
و لا تلتفت للخلف
قيل و قال ليس اكثر ، ألا تعرف البشر ؟

ماذا تقول ؟!
نعم نعم اني اسمعك !

اني اسمع شكواك و انني ادري انك تسمع غناء روحي الحزينة

و انا ادري انك لست كبقية الانهار ... بلا روح

فأنا أرى بوضوح
ارواحا حزينة لناس تجري فيك
تبعث الحياة في مياهك الشفافة
و تكون أحجارك الناعمة
ارواح تركت اجساد اصحابها و التقت هنا
ارواح لناس لم يعرفوا السعادة في هذه الحياة
تنتظر بفارغ الصبر اللقاء مع الذين تحب
لا تفقد الامل ايها النهر الحزين
فربما في النهاية ستجد حلمك الضائع و توصل هذه الارواح الى بحر السعادة

صاح احدهم :
"انتهت الرحلة الى الصحراء !
الجميع الى الحافلة سنعود الآن " صاح المسؤول ذو اللباس الأبيض ،
و عاد الجميع الى .... المستشفى !

ــــــــــــــــــــــــــ

"الهم نصف الهرم "
الامام علي (ع)

"ما انبل القلب الحزين الذي لا يمنعه حزنه من أن ينشد اغنية مع القلوب الفرحة "
جبران

السبت، 8 يناير 2011

بوح صامت من الخفارة



بوح صامت من خفارتي :

في غرفة الانعاش توفى رجل ، وسط النياح و العويل سمعت صوت احدهم يبكي و يقول:" عمل طول حياته ، و لم يرتح يوما"

مرت علي كالبرق كلمات منسيات

" الدنيا سجن المؤمن و جنة الكافر"

أمير المؤمنين علي (ع)

_____________________________



بوح صامت من الخفارة 2

ذكروا اسمك امامي و لم تلاحظ أعينهم لمعة كانت في عيني ،و لم يشعر أحدهم بتسارع نبضات قلبي،هنا أدركت أنه حتى الفراق لا يمحي الحب و لو طالت السنين ،فيكفي أن نسمع اسم الحبيب ليرجعنا لنقطة البداية ، و تبقى أحلامي التي كبرت معي و شاخت ، و تبقى تخيلاتي عنك و عن ، الحوار الذي سيكون بيني و بينك و يبقى قلبي في نار يحترق ، فكأن قلبي كلما احترق أعطيت قلبا جديدا ليحترق مرة أخرى ، و يتكرر احتراق القلب مرة تتلوها مرة في تساؤل قد يبدو لي بلا نهاية

متى اللقاء ؟