الاثنين، 8 مارس 2010

هل تموت الريشة ؟


ارتفاع الطير في السماء ينسينا أنه لا بد أن يقع يوما ما ... اما خلف قضبان شخص لا يعرف معنى الأجنحة
و اما سقوط مقدر ينهي قصة حياة ...
الدنيا دوامة تدور باستمرار
كدوران عجلات هذا الكرسي المتحرك الذي جلس عليه
خرج من المستشفى بقايا مهشمة من انسان
انسان بالكاد يستطيع تحريك قدميه المشلولتين ، بالكاد يستطيع النطق ، بالكاد يحرك يديه ،لكنه يستطيع أن يبكي !
كان ان أراد الرسم لا يفكر ماذا سيرسم ، بل يترك الدفة لروحه كي تقود الريشة الى مكان بعيد عن هذا العالم
ماذا يعني أن يفقد رسام موهوب ريشته ؟
ريشة الفنان هي الصوت الصارخ على الألم المكبوت ، ان هو عجز عن الكلام تكلمت هي
و هي ابتسامة الأمل الوحيدة في وجه اليأس
و بنفس الوقت هي صوته الحزين القابع في مكان ما وراء ابتسامته
الشلل يعني أنه لن يرسم بعد الآن ... يعني أنه هزم على مرأى من العالم أجمع
وصل الى غرفته ، امتلأت بلوحات مبعثرة كانت تجسدا لذكرياته
لوحات على الحائط و اخرى على الأرض
عالمه الذي لجأ اليه هاربا من هذا العالم
كل لوحة تروي قصة لا يعرفها الا هو
شيء واحد ميز لوحاته
كلها كانت تبتسم ، كل الوجوه في اللوحات
فالبسمة هي العقيدة التي اعتنقها في هذا العالم
"البسمة سر من أسرار الله التي أودعها في هذا الانسان " هكذا كان يردد دائما
و هكذا قاوم صعوبات الحياة و تغطى كل العقبات، ببساطة بالبسمة
اغلقوا الباب عليه حسب رغبته
حرك العجلتين بصعوبة
لوحة ملقية على الأرض لطفل على مرجوحة
الطفل ينظر في عين من يشاهد الرسمة ، يبتسم و تظهر أسنانه البيضاء الصغيرة
نظر الى عين الطفل الذي رسمه ، نظر الى جميع الرسمات حوله
غريب المشهد فعيون الطفل و عيون الشخصيات في رسماته كأنها صارت تنظر اليه بحزن رغم أنها تبتسم
تلاقت عينه بالريشة
كانت كوردة ذابلة عطشانة لانامله لترتشف من روحه الجمال و الروعة
نظر اليها مدة طويلة
في داخله لا يعرف ماذا يفعل
هل يحاول أن يمسك الريشة ؟ هل يحاول أن يرسم من جديد ؟
خوف من أن يكتشف أنه قد خسر كل شيء
صوت خافت لحركة عجلات الكرسي المتحرك و هي تدور
سقطت دمعة
ذكريات عن أول رسمة في المدرسة عندما كان طفلا صغيرا
سقطت دمعة
أول معرض لرسماته ... أول شعور بالنصر ، أول مرة يحس أنه حقق شيئا
سقطت دمعة
هل سيستطيع أن يرسم بعد الآن ؟
سقطت دمعة
بلت وجه الطفل الباسم في الرسمة الملقية على الارض
ساحت الألوان و تشوه وجه الطفل
انمحت البسمة
انها نهاية حربه مع هذا العالم ... انمحت البسمة ... لقد انهزم ...
العبوس تسلل حتى الى لوحاته
مد يده نحو الريشة و صوت بداخله كجبل : لا يوجد شيء في الوجود سيمنعني من الرسم !
مد يده نحوها و كأنها في تلك اللحظة أخرجت جناحين مخفيان مستعدة للطيران بين يديه في سماء لوحة بيضاء
سقطت الريشة على الأرض
سقط هو بالقرب منها منهارا
فقد الوعي ....
عندما استيقظ استغرب أنه لا يزال على قيد الحياة
و كيف لروحه الرغبة في البقاء في هذا الجسد المشلول
فتح عينه على مشهد غريب
كان ولده الصغير ممسكا بالريشة يعدل بسمة الطفل التي شوهتها دموعه !
انه يرسم بالفطرة
كان كما لو أنه هو الذي يمسك بالريشة !
عرف أن الجمال الذي رسمته يداه لن يتوقف عنده و انه ماض بل و بروعة الى الأمام
نظر الى الريشة و قد نسته منشغلة بين يدي ولده الموهوب
التفت الفنان الصغير نحو أبيه ، رآه يبكي و بنفس الوقت يبتسم بصعوبة، دنى منه
بيده الملطخة بالألوان مسح الدموع عن خده برقة
من بين دموعه صاح الأب : انها حية انها حية !
هكذا حاول أن يقول بلسانه الثقيل
لم يفهم ابنه
بكى الأب و ابتسم !
لم تمت الريشة لم تمت الريشة !
و انما ولدت من جديد !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"ان الله تعالى يبغض المعبس في وجوه اخوانه "
النبي محمد (ص)
" السعادة الحقيقية هي سعادة الآخرة و هي أربعة أنواع : بقاء بلا فناء ، و علم بلا جهل ، و قدرة بلا عجز ، و غنى بلا فقر "
الامام علي (ع)
" تتسرب السعادة من باب لا تحسب أنك تركته مفتوحا "
جون باريمور
" ان الحياة كانت تبدو رائعة جميلة لو كنا نولد في سن الثمانين ثم نقترب على مر الأيام من الثامنة عشرة "
مارك توين

11 التعليقات:

غير معرف يقول...

رائعه


وانسلت دمعه مني معه..



كم من الجميل أن يجد المرء شيئاً منه

هنا

رغم ألم الفقد..يظل شيئاً يولد ليصنع ابتسامه ويرسمها




احمد نبيل ..لن اعاتبك على الغيام
لأنك وكالعاده ..لجمت عتبي برائعه



لك امتناني

الوتيــــــــــن يقول...

لي عودة .. باجر مناوبة *_*

سؤال فضولي .. وين البوست السابق؟ مامل منه حسافه :\

تصبحون على خير وطاعة :)

a7mad Nabeel يقول...

سلة
الرائع تواجدك الدائم هنا... شنو هالتعليق السريع ؟!
لكل شيء بداية و نهاية و لا شيء يدوم في هذه الحياة

الغياب اسبابه متعددة الدوام عندي د. سامي اصفر احداها !!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوتين
بانتظار العودة
البوست السابق اضطريت احذفه لمشاكل تقنية بس ان شالله راح ارد انشره بعدين ... ما كنت اتوقع ان حلو لهالدرجة !

Reem AlHajri يقول...

الشعور بالعجز شعور مؤلم ، قاتل أحياناً كثيرة .. خاصة لمن إعتاد الإنجاز !

و الأمل المدفون في دواخلنا ، حين يُثمر و يكبر .. يخفف عنا وطأة الألم ..

جميلة يا أحمد :)
قواك الله ..

الوتيــــــــــن يقول...

لا تعتبر ما سأقوله مديحا .. لأنني أعلم أن الانسان يكره المديح المكشوف

لكن

احمد نبيل .. ستكون أب حكيم وجد حكيم كما أنت صديق حكيم الآن

تخلق من الفكرة والعبرة قصة تتسلل رغما عنا إلى القلوب فيتشربه بأناة وراحة

فعلا التشاؤم لا يأتي بعاقبة إلا عاقبة سوء ... والتفاؤل حليف المفاجآت والنجاح

بالصدفه قاعده اسمع اغنية مايكلل ببلِ " فيلنج gـود" وقريت البوست .. شوف التناقض .. بس ابتسمت من هالمفارقة..

خيرة كان تاجيلي قراءة القصة لأني كنت متشائمة بعض الشيء اليوم


لا سقط لك قلم ولا جفت لك محبرة .. رطب قلوبنا بمشاعرك وعقولنا بحكمك

تمسى على خير


ملاحظة: انا سعيدة لأن غيابك ماكان طويل نفس سابقه .. لكن عذرك معاك دكتور ^_^

ريمي يقول...

السلام عليكم
لن تموت الريشة طالما يرفقنا امل
اول زيارة لمدونتك جميل جدا ما كان هنا تقبل مروري وزياراتي القادمة
تحياتي

روان يقول...

و الأمل يكون كبيراً بحجم الحزن الدفين ، و مهما نصعد نسقط ، لكننا ننهض \ و إن توالت السقطات !

~~

"Sometimes... I see beter with my eyes closed"

شكراً أحمد
=)

فآطِمهْ يقول...

أني لأجد مرآرة الفقد صعبة على الموهوب
فـ أن فقد أحد حوآسه مستحيل أن يفقد إحسآسه
و يتولد عنده إحسآس العجز الذي يفجر مآ يـ دآخله على هيئة دموع تطفىء القليل القليل من ألمه ،
:
رآئع إحسآسك و حرفك
دمت كذلك ،
و شكراً

الوتيــــــــــن يقول...

الفارة بتموت ... وينك أحمد نبيل؟ المره دي تخنت وغيابك عن التدوين طال .. يا عسى المانع خير

فاطمــه يقول...

عجيب هالبوست

يعطيك العافيه
ننتظر جديدك

سلة ميوّة يقول...

نفتقد قلمك...

كن بخير