الأربعاء، 18 نوفمبر 2009

المطر لا يحي القلوب بعد موتها


الهروب ...
مضت ساعة على انتصاف الليل
الشوارع مهجورة
كنت في السيارة هاربا
الى أين ؟ لا ادري !
الى مكان بعيد
أبعد ما أكون فيه عن هذا العالم و هؤلاء الناس
ربما الجأ للبحر
تفاجأت فلأول مرة أرى فيها البحر بهذا السواد
هائجا كان يزداد سواده كلما اقتربت أكثر
غيرت وجهتي
حاولت الهروب من عالم حتى البحر فيه اصبح لا يريد ان يسمع أنين انسان
اختفى البحر شيئا فشيئا
بدأت أضواء المدينة تموت
لتظهر الصحراء
فضاء واسع من الصمت و غناء الرياح الذي لم أسمعه من قبل
أصوات الناس ضحكاتهم و كلامهم ، قصصهم و وجوههم
كلها اختفت
قد ألقى الليل ظلالا خافتة على الكثبان الرملية فتكونت وجوه لأشخاص أعرفهم
كان وجهها بينهم
يبتسم أم يبكي ؟
خففت السرعة ، الطريق مظلم
هل يمكن أن يحوي كل هذا الفراغ على جمال ؟
أين هو ؟ هل هو مدفون بين طيات كثبان الرمل ؟
ربما أنا لا أرى الجمال الحقيقي
ربما هو موجود أمامي و لا تراه عيني
هنا تساءلت نفسي :
هل تسرعت عندما اخترتها ؟!
بدأ المطر بالهطول
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



عالم المطر
مددت يدي للخارج
حاولت أن أخرج من عالمي الى عالم المطر
حيث يحيا فيه كل شيء ميت عندما يهطل
عالم يغسل فيه المطر كل الأوساخ و الأتربة التي كدستها الأزمنة
ركنت السيارة و نزلت
جلست بين أحضان المطر
على صخرة وسط الصحراء الخاوية
مطر وسط الصحراء ؟
انها معجزة ... و كم أحتاج الآن الى معجزة !
ربما اخفى المطر بكائي لكن رمال الصحراء تعرف الفرق بين قطرات من مطر السماء و قطرات من ألم البشر
هل يحي المطر القلوب بعد موتها ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


عندما زالت أقنعتنا
رحت أجمع قطع الصورة المبعثرة
بعد شهر من الزواج طفت على السطح بقايا الماضي
لا أنكر أنني تصنعت دور الرجل المثالي في بداية زواجنا لكن شيئا فشيئا ظهرت طبيعتي
كنت أعلم أنها أيضا كانت تتصنع المثالية
كنت أعلم أن أقنعتنا لا بد أن تزول في يوم
تحت قناعي كان يقبع انسان لديه بعض العيوب
أما هي فكانت تخفي الكثير
عندما سألتني في بداية زواجنا عن تجاربي في الحب ما قبل الزواج أخبرتها بالحقيقة
أخبرتها أنني أحببت مرة قبل زمن طويل
أخبرتها أنني أكتشفت أنه كان حبا من طرف واحد
كانت هذه أبعد مسافة أصل فيها في بلاد العشق
فضحكت و ضحكت أنا و لم أستطع أن أرى جانبا مخفيا من ضحكتها كان وراء الظل
الآن أصبحت الصورة واضحة
صرت أرى في عيونها كيف تقارنني بعشاقها القدامى
أسمع قلبها يحن لكلماتهم
لمزاحهم معها و ضحكاتهم
دائما ما كنت أضحك على أصحابي عندما يقولون أنهم دخلوا القفص الذهبي
او سجن الزواج كما سماه أحدهم
لكنني لم أكن أدري ان الزواج عند البعض سجن حقيقي
ربما هي اكتشفت بعد مضي بعض الوقت أن الزواج سجنها
ففي الماضي كانت تستطيع أن تجرب الحب فان ملت اخذت استراحة !
حب حسب الطلب متى ما أرادت
أما الآن فهي عالقة في متاهة رجل واحد
لا تدري هل تخرج منها على قيد الحياة أو بعد مماتها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


مرض القلب
تمنيت لو كنت أنا أول انسان في حياتها
كان سيكون حبا قويا يصمد الى الأبد
فكرت في الدواء أهو الطلاق ؟ أو التمسك بالأمل ؟
ربما يستطيع الحب فعل المعجزة ، فهل أنتظر ؟
ربما الحب كهذا المطر يغسل الأرواح ليرجعها صافية نقية
يطهره من شوائب الماضي و أوساخه
الطلاق ؟ و عيون الناس التي لا ترحم ؟
ماذا سأخبرهم ان سألوني ؟
بأنني لم أكن كعشاقها القدامى ؟ خبيرا في فنون النساء ؟
بأنني لست خبيرا في الحب ؟
في الطب لتعالج مرض القلب أمامك خيارين اما الأدوية و مسكنات الألم و اما الجراحة و نزف الدم
راجع الى البيت
في الطريق رن هاتفي ... كانت تتصل
سألتني : أين أنت ؟ لم تأخرت ؟
"أنا في السيارة
ساعة و أصل" ... ساعة و ينتهي كل شيء !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


بكاء سارة
جلست معها :
وضعت سارة يدها على قلبها خوفا
عرفت ان مكروها يلوح بالافق فهي لاحظت تغيري في الفترة الاخيرة
سارة لا استطيع ان اكمل ، لن ينجح هذا الزواج
بكت سارة ، كأي فتاة حلمت بالزواج يوما من فارس الأحلام كما في قصص الخيال
كانت تعرف كل شيء عن اسبابي
حاولت رأب صدوع في مركب زواجنا الذي أثقلته مياه الماضي السوداء في ليلة عاصفة
عينها الباكية تنظر الى عيني: لا تقل لا نستطيع بل نستطيع، انا اخطأت كثيرا في الماضي و الآن تبت الى ربي ، انت اخبرتني يوما ان التائب من الذنب كمن لا ذنب له ، انت اخبرتني ان الحب يصنع المعجزات
امسك يدي لا تفقد الأمل أعرف أنني لم أكن زوجة مثالية لكنني سأتغير من أجلك ... من أجل حبك
لننس ما كان في الماضي و لنبني هذا البيت من جديد بالحب ، أرجوك لا تفقد الأمل ، ما كان في الماضي لم يكن حبا ، طيش المراهقة لا أكثر.
ضمتني و بكت
نظرت الي، قالت: أنت لست كالبقية انت اول حب حقيقي في حياتي ... صدقني
قالتها بصدق ... لكن بعد فوات الأوان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لم لا نقدر الشيء حتى نفقده ؟
بعد سنة من المشي بين الناس و رأسي للأسفل سمعت أنها تزوجت من جديد
عندما سمعت الخبر تحسرت عليها
أحسست أنه كان بالامكان انقاذ بيتنا الهاوي
احسست انه كان بامكاننا ان نعيش سعيدين في ظل الحب
قسوت عليها ، كان يجب أن أمنحها فرصة
رحت أتذكر كلامها
"انت لست كالبقية ... انت اول حب حقيقي في حياتي "
كانت صادقة في كلامها لكن روحي باتت مرهقة معذبة
أصوات عشاقها القدامى تطاردني نظراتهم كلماتهم
و قلبي لا يستطيع ان يتحمل ان يشارك حبا مع رجال آخرين
في داخلي عرفت انني ظلمتها و ان عالم آخر منها كان موجودا لم أبصره
هل تراها الآن سعيدة ؟
يا ترى أأجبرت على الزواج لأنها أصبحت مطلقة ؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عودة ... الى الصحراء
كنت دائما أفكر لم حدث لي ما حدث
هل كنت أنا المخطيء في الموضوع ؟
أم أنه حظي العاثر ؟
مرت سنة من أصعب سنين العمر ... سنة من المشي منحني الرأس ، سنة مرت على "رجل فشل في زواجه"
و شاءت الأقدار أن يشرق الفجر بعد سنة من الظلام الحالك
كنت في نفس السيارة ذاهبا الى مكاني القديم ، الى الصحراء ... هذه المرة حب حياتي كان معي !
الفتاة التي احببتها قبل زيجتي الفاشلة
الزمن خلق الحب بيننا من جديد
التقيت بها "صدفة" و اكتشفت انها تعمل في نفس المبنى الذي اعمل فيه
طوال هذا الوقت كانت قريبة مني لكن أقدارنا لم تشأ ان نلتقى من قبل
كم هي واسعة هذه الدنيا لكن ان شاء القدر تغدو أصغر من ما نتخيل
كانت هي الحب الذي لم اتمسك به قبل زواجي
كانت معي في السيارة نفسها حيث بدأ كل شيء
لم تفهم لم أريد الذهاب الى الصحراء
ها هنا حيث اتخذت قرارا لولاه لما تواجدت الآن معها
رأيت وجه زوجتي الأولى على الكثبان الرملية
كانت تبدو سعيدة
كل سار في دربه و دروب البشر فيها الشوك و الورد
و لولا الشوك لما قدرنا جمال الورد



النهاية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
" الصبر ثلاثة : صبر عند المصيبة ، و صبر على الطاعة ، و صبر على المعصية "
النبي محمد (ص)
" لا يعدم الصبور الظفر ان طال به الزمان "
الامام علي (ع)
" لا شيء يرفع قدر المرأة كالعفة "
اديسون
"ان حبا امكن يوما ان ينتهي لم يكن في يوم من الايام حبا حقيقيا "
ارسطو

9 التعليقات:

aL-NooR . يقول...

وددت لو لم تنتهي المشاهد ..
احببت
الهروب ..و عالم المطر ..و تفاصيل بكاء سارة ..و كل دقائق الامور ..اسوبك سهل جدارغم عمق المعاني ..فهم يهل ممتنع ..

صبـــاح النوير ..و الكلمات الراقية

*************************

الوتيــــــــــن يقول...

انت جميل ككتاباتك يا أحمد .. أشكرك لأنك أخرجت مني الألم بهذا الألم

يقولون دائما لا تخبري الرجل بتجاربك السابقة .. قد يهيأ له ماضيك فيلفظك حتى وإن أحببته بإخلاص . ألا يعتبر ظلماً؟
هو خسرها بطريقته وهي كذلك .. كان مقدر لهما .. أحيانا يصنع الحزن بدايات سعيدة لأحداث جديدة
أُدهش من البعض عندما يخبرني أنهم يفضلون هجر الحبيب خوفاً من هجره لهم .. وكأن السعادة يفترض بها أن تكون أبدية ، او أن الحب يستوجب أن يكون متقداً حتى النهاية .. على الرغم من أنهم يعلمون أن لكل وهج أن يخبو .. لكننا أحيانا نبحث عن سعادتنا حتى وإن كانت مبنية فوق تعاسة الآخرين .. هي سعيدة أؤكد لك أن الحمل كان على قلبها أثقل منه عليه ، لأن الشك ضجيع مزعج ، والخوف أسوار عالية تمنعنا من ممارسة واكمال حياتنا بشكل طبيعي مالم نتمكن تحوير حياتنا أو التأقلم على الواقع المر ، هكذا هي الحياة .. الرجل هو الرجل والمرأة هي المرأة .. الحب يغلب .. لكن قد يغلب بقسوة
هي سعيدة الآن .. وهو نادم


وأنا نعسه .. ولكني سعيدة بما قرأت اليوم منك

كن بخير :)

Dr. Red Devil يقول...

ايييي تستاهل منك انك تسحب على الدوام :) بس انا عندي لو كنت شايل الفقرة الاخيرة وايد احسن، يعني لو ما كان شايف حبه الاول احسن (قصدي نهاية حزينة)، بس اتوقع انك صاير لك فترة كل نهاياتك حزينة فحبيت تغير P:

a7mad Nabeel يقول...

al-noor
ــــــــــــــــــــــ

اسعدني التعليق و ان القصة راقت لك :)

شكرا على المرور
النور اسم على مسمى ...

الوتين
ــــــــــــ

الشك ضجيج مزعج صح لسانج انت في صميم القصة
لكنني اعارض ان تخفي المرأة ماضيها عن زوجها فالصدق رغم مرارته افضل من اكذب و افضل منه العفة قبل و بعد الزواج
هو نادم لكنه ايضا سعيد و هو اكتشف الحكمة من الفشل و هي سعيدة الآن و ربما لو لم تمر بتجارب من قبل لما فشل زواجها
سعيد برؤيتك دائما هنا :)



دكتور احمد
ــــــــــــــــــــ

النهاية غالبا تاتي عكس ما نشتهي
غيابي كان بسبب المرض و الاجهاد و الارهاق الذهني و ضغط العمليات و الخفارات
P:

الوتيــــــــــن يقول...

مساء الخير :)

هي لو لم تمر بتجارب

لو تفح عمل الشيطان ... وإذا كان الإنسان لا يخطئ فلم خلق العفو !! ولمن يصرف دواء الرحمة؟
قد تكون مغامراتها المراهقية بحثاً عنحب وجدته عنده هو .. ندمت على ما فات .. صارحته ، لكن
الشرقي ( وحتما بطلنا شرقي) يحب المعرفة لكن لا يستطيع المسامحة على الشراكة .. فهو يحب النقاء ..
اخبرتني أمي عندما كنت مراهقة أن الرجل يحب أن يجعل المرأة تحفته .. يشكلها بيدية .. فيعرف كل تفاصيلها وثنياتها .. لكنه يمل منها سريعاً .. والإنسان بطبعه يحب الغموض ويجري وراءه

الصدق مجاة .. نعم ، لكن ليس في كل الأمور .. إن كانت قد جعلته صفحة جديدة في دفتر حياتها فم الأفضل أن تنزع الصفحات السابقة ولا تذكرها .. ولم الذكر؟ إن كان بلا فائده؟ وإن كانت هي جديده؟

أسعني المرور ثانية :)
ودي

غير معرف يقول...

يرقص الرجل الشرقي فوق جبين حبيبته
ليحظى منها على الأسرار الدفينة في مؤخرة رأسها...أو فوق جبينها!

وحين يحصل على سرٍ واحد يجد نفسه يتخبط بين حرفو ذاك السر
ومشاهده...

..أيضاً
تجد الفتيات لذّه بالعبث في خيوط الرجل الوفي..
الرجل الصادق المحب..
فتجدها تفضّل أن يُنهش لحمها من ذئابٍ
لاينفكون العواء بإسمها
على الإستلقاء تحت شجرة رجل واحد جذوره تصل إلى قاع الأرض....



أحمد نبيل...
اجد مشاعر جميله هنا..
وكلمات شفّافه..تحملنا في طيات المتصفح على ما تريد..

نبتسم تارّه ..ونعبس تارة أخرى...


كن بهذا الجمال الذي نعشق..
دائماً..كما أنت..
ودّي

a7mad Nabeel يقول...

الوتين
ـــــ
"قد تكون مغامراتها المراهقية بحثاً عن حب وجدته عنده هو .. ندمت على ما فات .. صارحته"
ليس مبررا
البحث عن الحب لا يكون بهذه الطريقة فالحب وليد سنوات طويلة من الزواج هكذا يولد الحب الحقيقي أما مانراه اليوم فان المشترك بينه و بين الحب هو بالاسم فقط !
أنا أوافقك الرأي في جانب ففي بعض الأحيان يهدم الصدق الزواج من أوله
لن نختلف أن الصدق هو أفضل وسيلة لكسب الثقة و بنائها
لكن المشكلة تكون في تفهم الطرف الآخر فالانسان يخطيء و "خير الخطاؤون التوابون" و نحن ننسى هذه الحقيقة
أنا الأسعد بهذا المرور :)

ــــــــــــــــــ

سلة الميوة
ـــــ
فعلا غيرة الرجل قد تكون أقرب للجنون (في بعض الاحيان!)
قد تخبره زوجته انها مرت بمرحلة اعجاب مجرد اعجاب لا اكثر فيجن جنونه و تحدث العواصف !
قلة من الرجال من ينظر من مختلف الزوايا و يتفهم طبيعة البشر و يتذكر أنه أيضا شخص غير كامل ان رآى خطا من أحدهم
قلة من الرجال من ير الجانب الممتليء من الكأس
أما حواء فهي كثيرا ما تخطيء الاختيار و تختار من يعذبها و هي عارفة من قبل بهذه النهاية

الوتيــــــــــن يقول...

يمر الإنسان بتجارب في الحياة إن لم يكن لديه وازع كافٍ .. ويمر أيضا بمراحل حتى في ياته المهنية .. قد لا يروق له و لا يناسبه البعض منها .. لكنه يبحث عن الكمال ..
عندما يقال أن شاباً أحب فتاة وتركته فإنها بلا قلب .. تحب اللعب بقلوب الرجال .. أو بكلمة واحده(لعوب) .. أما لو كان قد حصل العكس فما سيقال كالآتي : هو يبحث عن فتاة بلا تارب .. حتى وإن كان هو تجربتها البكر

قيل أن الحب عمى .. لكن الغريب أنه لا يراه المبصرون .. يراه .. ويلمسه ويتنفسه ( العميان به ) .. يصعب أن نشعر بإحساس الحب من خلال الكتابه أو القراءة أو حتى المشاهده والاستمع إلأا إذا كان متقنا بشكل كبير .. عمل فني ؛ لكن عندما نواجهه .. حتى وإن كان أردأ الأعمال الفنية على الإطلاق . فإنه الأجمل

ليس للإنسان أن يندم على مافات
العاقل جدا من يأخذ العبرة ممن سبوه ، والأعقلمن يأخذها ممن يقولها ل فقط .. هناك من لا يصدق إلا عندما يقع في الفخ .. الفارغين من الداخل .. لذلك كانت الوقاية لزاما ..

وكما ذكرت :
خير الخطائين التوابون

تصبح على خير
ملاحظه : لو مانزلت بوست جريب راح أتم أعلق للأبد على القدم *_^

الوتيــــــــــن يقول...

تصحيح : سبوه= سبقوه

ارتكاريا تالي الليل معلش :s