الأحد، 3 مايو 2009

رسائـل مقتولة بالرصاص


كيف يبدو الجحيم من الداخل ؟
انهمر الرصاص كالمطر
دوي القنابل و القذائف
صوت يصم الأذان
صوت الطيران يعم السماء
جنود يركضون في كل الاتجاهات
جرحى يئنون
جثث و أشلاء منثورة
خوذة ملقية على الأرض حزينة
جحيم صنعته يد بشرية
أرواح تجوب المكان
تبحث بين الجثث عن أحبائها
فجأة !
صوت انفجار ...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ





بعيدا عن الجحيم
لم يكن الحال أفضل في المدينة
الشوارع خاوية
أصداء تمتمات النساء تصلي
أيتام و أرامل لم يكتشفوا لحد الآن سواد ليل الحقيقة
طفل يبكي يمسك ثوب أمه
"متى يرجع بابا ؟"
لا يرد عليه أحد
صوت انفجار !
حلم يقظة مقتول
كان يفكر بالمدينة
رجع من حلمه الى أرض المعركة
كان الرصاص ينطلق في كل الاتجاهات
بعض الرصاصات خَتم عليها القدر اسم ضحية
رصاصة فارغة على الأرض ... أرسلت احدهم إلى الجنة
أخرى انطلقت من مسدس لترسم طريقا في الهواء ... طريقا أوصل أحدهم إلى جهنم
رصاصة تقتل و أخرى طائشة
لكل منها قصة ترويها
لا وجود للصدف
رصاص منثور على الأرض
بعضه أصاب قلوبا
و بعضه أبكى عيونا
فهل يبكي الرصاص على دم القتلى ؟
أم أن ضميره تلاشى بين طيات القدر ؟
حين يقتل الإنسان أخاه الإنسان لا يذرف دمعة
فلم إذا سيبكي الرصاص ؟
قسوة قلب البشر نزعت الحياة حتى من الجماد !
فهل نلوم الرصاص ؟!
لكن الرصاصات لم تعني له الموت
لأنه رأى فيها تشابها كبيرا
مع كلمات له جرحت قلوب الذين أحبهم ...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ





رسالة تقف ضد تيار الرصاص
كان يختبئ في خندق يكتب رسالته الأخيرة
إلى أمي الحبيبة مع التحية...
ربما هذه آخر اللحظات !
لا تبكي و افخري
بين الرصاص يشهد الله أني لم أنساك لحظة
لم أنسى كيف آذيتك بكلماتي القاسية
سقطت دمعة على الورقة
سقطت دمعته و امتزجت بكلمة آذيتك
دمعة كانت وسط الرصاص
لم أنسى كيف تغيرت حين كبرت
كيف كانت كلماتي معك
كيف كنت تردين على كلامي بكلماتك الحنونة
تبتسمين و ربما في قلبك كنت تبكين
و في لحظة رحيلي إلى الجبهة حاولت أن أطلب منك السماح
لكن سراب كبريائي ضيعني في صحراء الندم
من بين الرصاص
كنت أبكي
لأنني لم اعتذر
فهل من سماح ؟
قلبك الذي احتوى العالم
هل بقى فيه مكان لشقي من الأشقياء
كان طفلا ربيته و سهرت عليه
فحين اشتد و قوى أنكر الجميل
صار ذاك الطفل البريء وحشا جرح قلبك
أمي
لا تبك فدمعك أغلى من الوجود
لا تذرف دمعة
على إنسان بلا قلب
هذه رسالاتي كتبتها في الجبهة
و خلاصي الوحيد أن تقرئيها إن أنا مت
يا شمس حياتي
لم يكن موتي هباء
لأنه أمام الموت كنت أنت في الكفة الأخرى
فكم هي رخيصة إذن الروح
أنا يا أمي مت لكي تعيشي حياة كريمة
يا أمي كان لابد أن أمو...........
سقطت قذيفة على الخندق
فاشتعلت النيران و تطاير التراب و الحصى في الجو
بسرعة و بدون أن ينظر ربط الرسالة بالرسالات الأخرى و خبأها في جيبه و انطلق ... نحو قدره

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




نهاية خطوط الكف
خرج من الخندق
سقطت قذيفة بقربه
تقطع إلى أشلاء ... هو و صور ذكرياته
تقطع إلى أشلاء ... هو و رسالاته
و كلماته
تناثر الورق في الهواء
هبت رياح من جهة المدينة
كأنها حملت صوتها العذب و هي تغني له حين كان طفلا
نظر جهة المدينة
نادى أمه و بكى
لم تكن دموعه خوفا من الموت أو شكوا من الألم
لكنه بكى لان أمه لن تسمع كلماته
بكى لأنها لم تسمع اعتذاره
لأنها ربما لن تعرف أنه نادم
و أنه في اللحظة الأخيرة لم ينس صوتها الجميل حين كانت تغني له قبل أن ينام
و كيف ارتمى في أحضانها يوم مات عصفور له
و سألها أين رحل فمسحت على رأسه برقة و قالت بحزن حبيبي إلى السماء
سلم روحه للباري شهيدا و طار كذاك العصفور إلى السماء
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




يوم انكشاف الحقيقة
يوم القيامة ...
يوم المظلومين
يوم انهيار الطغاة
كل البشر منذ آدم -عليه السلام- موجودون في مكان واحد
عم الصمت الأرجاء
عيون شاخصة تترقب
وجوه مستبشرة كنهار مشرق
و وجوه كليل أسود
ترتجف خوفا من الحساب
نظر الشهيد إلى نور كان قربه
لم يكن نور ملاك لأنه كان أروع من نور الملائكة
التقت نظراتهما
حشرهم الله سبحانه قريبين من بعضهم
فلم يكن ليُعرف نور من فيهم كان
نور الشهيد ؟
أم نور أم الشهيد الصابرة ؟
حشره الله و بيده رسالاته لها
نظرت إلى الرسالات
فابتسمت
"كل رسالاتك وصلت" !
فلا وجود لكلمات من ابن الى قلب ام لا تصل



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
" ألا أدلكم على أكبر الكبائر ؟ قالوا: بلى يا رسو الله . قال : الشرك بالله و عقوق الوالدين .
الرسول الأعظم محمد (ص)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أمي يا ملاكــي يا حبي الباقي الى الأبد
و لم تزل يداك أرجوحتي و لم أزل ولد
سعيد عقل
ــــــــــــــــ
أغرى امرؤ يومـا غلامــا بـنقـوده حـتى يـنـال بـه الـوطــر (حاجة)
قــال ائتـني بـفـؤاد امـك يـا فـتـى و لك الدراهم و الجواهر و الدرر
فمضى و أغمد خنجرا في صدرها و القلب أخرجه و عاد على الأثر
لكنه من فرط سرعته هوى لتدرحرج القلب المضرج اذ عثر
ناداه قلب الام و هو معفر : ولدي حبيبي ! هل أصابك من ضرر
ابراهيم المنذر
ــــــــــــــــــــــ